فنتيك جيت: مصطفى عيد
تواجه شركتا «Visa» و«Mastercard» منافسة متزايدة وحادة من العملات الرقمية، في سوق جنوب أفريقيا، بحسب تصريحات ويهان أوليفير، الشريك ومسؤول قطاع التكنولوجيا المالية والأصول الرقمية، ودينش جورلال، المدير ومسؤول ضمان تكنولوجيا المعلومات في شركة «Forvis Mazars» بجنوب أفريقيا لموقع business tech.
العملات المستقرة
وأوضح أوليفير وجورلال أن استخدام الأموال الرقمية مثل العملات المستقرة (Stablecoins) يتزايد بشكل ملحوظ بين الأفراد والشركات في جنوب أفريقيا وفي العديد من دول العالم، كبديل متنامٍ للبطاقات التقليدية والنقد.
وأشارا إلى أن مدفوعات العملات الرقمية تحولت من كونها محصورة على خبراء التكنولوجيا إلى جزء من التجارة اليومية التي يعتمد عليها المستهلكون والشركات على حد سواء، قائلين: «لقد عبرت مشهد مدفوعات العملات الرقمية الحاجز الكبير، ولم تعد مقتصرة على المستخدمين الأوائل فقط، بل أصبحت جزءًا من التجارة السائدة».
جاء ذلك وفقًا لتقرير صادر عن منصة تداول العملات الرقمية «CEX.IO» أظهر أن حجم تحويلات العملات المستقرة على مستوى العالم وصل في 2024 إلى 27.6 تريليون دولار، متجاوزًا إجمالي حجم معاملات «Visa» و«Mastercard» مجتمعين بنسبة 7.68%.
وتعد العملات المستقرة نوعًا من العملات الرقمية مرتبطة بالدولار الأمريكي للحفاظ على استقرار قيمتها.
ردًا على هذا النمو المتسارع، بدأت كل من «Visa» و«Mastercard» في تقديم خدمات متعلقة بالعملات الرقمية؛ حيث تعمل «Visa» على تجربة خدمات العملات المستقرة في ست دول بأمريكا اللاتينية، فيما تعاونت «Mastercard» مع شركة «MoonPay» لتوفير إمكانية قبول المدفوعات بالعملات المستقرة لدى 150 مليون تاجر، مستندة إلى شراكات سابقة مع شركات مثل «OKX»، «Nuvei»، و«Circle».
وأكد أوليفير وجورلال أن «قبول الأصول الرقمية المبنية على تقنية البلوكشين كوسيلة شرعية للتبادل ليس في نمو فحسب، بل أصبح جزءًا من التيار الرئيسي». وتعمل شركات كبرى مثل «BitPay»، التي تدعم قبول العملات الرقمية في الأعمال التجارية، مع 250 ألف شركة حول العالم.
ويشهد السوق العالمي قبول أسماء كبيرة مثل «Microsoft»، «Burger King»، «adidas»، «AT&T»، و«PayPal» للعملات الرقمية كوسيلة للدفع في المعاملات اليومية.
وأشار الخبيران إلى أن معدلات تبني واستخدام العملات الرقمية كوسيلة تبادل تنمو بشكل أسرع خارج العالم المتقدم. حيث أظهر مؤشر التبني العالمي لعام 2024 الصادر عن «Chainalysis» أن منطقة آسيا الوسطى والجنوبية وأوقيانوسيا تصدرت دول العالم في تبني العملات الرقمية، مع وجود سبع دول من هذه المنطقة ضمن أفضل 20 دولة في المؤشر.
الوضع في أفريقيا
على الصعيد الأفريقي، تشهد جنوب أفريقيا ارتفاعًا سريعًا في استخدام العملات الرقمية في قطاع التجزئة، مع نمو ملحوظ في خدمات التمويل اللامركزي في 2024، مما يعكس تحولًا في مكان الابتكار المالي.
وذكر أوليفير وجورلال أن عاملين رئيسيين ساعدا في دفع استخدام العملات الرقمية للتسوق في جنوب أفريقيا: أولًا، بدأت سلسلة المتاجر الكبرى «Pick n Pay» في قبول مدفوعات البيتكوين في أكثر من 2200 متجر بالتعاون مع شركة «MoneyBadger». ثانيًا، تعاونت بورصة محلية للعملات الرقمية مع تطبيق الدفع عبر الهاتف المحمول «Zapper» لتوسيع إمكانية استخدام العملات الرقمية في متاجر إضافية.
ووصف الخبراء هذه التطورات بأنها «خطوة مهمة في تبني جنوب أفريقيا للأصول الرقمية»، معتبرين أنها تسهم في «سد الفجوة بين العملات الرقمية والتجارة اليومية».
وأظهرت بيانات «MoneyBadger» أن جنوب أفريقيا تحتل المرتبة 14 عالميًا في قبول مدفوعات العملات الرقمية، مع نسبة امتلاك للعملات الرقمية تبلغ 12% من السكان، وهي من أعلى النسب على مستوى العالم.
كما أن الحكومة تبنت نهجًا إيجابيًا تجاه العملات الرقمية، حيث أعلن «الهيئة المنظمة للسوق المالية» (Financial Sector Conduct Authority – FSCA) في 2022 أن العملات الرقمية تُصنف كمنتج مالي، مما عزز ثقة الشركات في استخدامها.
وأبرز الخبيران دور التكنولوجيا مثل «شبكة بيتكوين لايتنينج» (Bitcoin Lightning Network) التي تقدم معاملات فورية، آمنة، ومنخفضة التكلفة، تتفوق في سرعتها وتكلفتها على المعاملات البنكية أو ببطاقات الائتمان التقليدية.
تجار التجزئة
وقالا: «يستفيد تجار التجزئة من رسوم أقل بكثير وعمليات تسوية أسرع، حيث تتم هذه المعاملات فوريًا، مما يمكّن من تدفق نقدي يومي وليس شهريًا، وهو ما له تأثيرات كبيرة على الشركات الكبرى».
رغم التقدم، يواجه تبني العملات الرقمية تحديات كبيرة، أبرزها أن معظم مالكي العملات الرقمية لا يستخدمونها في الإنفاق، بل يفضلون الاحتفاظ بها كأصول استثمارية.
فبينما يمتلك حوالي 5.8 مليون جنوب أفريقي العملات الرقمية، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 6.05 مليون بحلول نهاية 2024، تبقى غالبية العملات غير مستخدمة، إذ تشير إحصائيات «SARS» و«Statista» إلى أن حوالي 388.3 مليون دولار (6.9 مليار راند) من الأصول الرقمية غير مصروفة.
وأوضح التقرير أن المستهلكين يعتبرون العملات الرقمية في الأساس «أداة استثمار أو مخزن للقيمة، وليست عملة للتبادل»، مؤكدين: «على الرغم من أن العملات الرقمية أُنشئت أصلاً للمدفوعات المباشرة بين الأفراد، إلا أنها تطورت إلى فئة أصول مضاربة».
ولتحويل هذا التصور، شدد الخبيران على ضرورة زيادة عدد التجار الذين يقبلون العملات الرقمية، وقالا: «لا يمكن تحقيق التبني الجماعي إذا ظل الجميع ينتظر تحرك الآخرين أولاً».
وأشارا إلى أن «القبول الواسع من قِبل كبار تجار التجزئة التقليديين والتجاريين الإلكترونيين ضروري لتعزيز تأثير الشبكة وزيادة الاستخدام».
البنية التحتية
كما أكدا أن البنية التحتية الداعمة لهذا التحول موجودة بالفعل في جنوب أفريقيا، وأن التحديات المتعلقة بالتكامل مع أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP) أو تقلبات الأسعار «قابلة للإدارة»، مضيفين: «تتمتع الصناعة بالخبرات والمهارات اللازمة لجعل دمج مدفوعات العملات الرقمية سلسًا».
وأكدا أن الشركات يمكنها الحصول على إرشادات حول كيفية التحوط ضد تقلب الأسعار، سواء عبر تحويل العملات الرقمية فورًا إلى عملة نقدية تقليدية (Fiat) أو الاحتفاظ بها في الميزانية العمومية.