فينتك جيت: مصطفى عيد
في خطوة تعكس التحول الجذري في عالم المدفوعات الرقمية، بدأت مؤسسات مالية كبرى مثل «JPMorgan» و«Visa» و«Mastercard» في إطلاق عملاتها الرقمية المستقرة الخاصة بها، لتنتقل هذه الفئة من الأصول من الهامش إلى قلب النظام المالي العالمي.
وشهدت العملات الرقمية المستقرة، أو ما يُعرف بـ«Stablecoins»، طفرة غير مسبوقة مؤخرًا، مدفوعة بدخول شركات مدفوعات عملاقة ومؤسسات وول ستريت، إلى جانب صدور تشريعات تنظيمية داعمة من الكونغرس الأميركي.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن العملات المستقرة لم تعد مجرد أداة رقمية للمضاربة، بل أصبحت بنية تحتية بديلة للمدفوعات يمكن أن تقلل من تكاليف المعاملات، وتُسرّع التسوية، وتفتح آفاقًا جديدة أمام المؤسسات والتجار والمستهلكين.
جاء الطرح العام الأولي لشركة «Circle»، مُصدّرة العملة الرقمية المستقرة «USDC»، كأحد أبرز مؤشرات هذا التحول، حيث قفز سهم الشركة بنسبة بلغت 750% في يونيو، ما عكس طلبًا قويًا على الدولار الرقمي من المستثمرين.
وسرعان ما تبعت هذه الطفرة شراكات استراتيجية، إذ أعلنت شركة «Coinbase» تعاونًا مع منصة التجارة الإلكترونية «Shopify» لإتاحة مدفوعات «USDC» للتجار، بينما كشفت «Fiserv» عن إصدار عملتها المستقرة «FIUSD» لدعم أكثر من 90 مليار معاملة تُجريها سنويًا.
وقال «جيسي بولاك»، رئيس قسم «Base» و«Wallet» في «Coinbase»: “ندخل الآن في مرحلة الاستخدام الفعلي، حيث نضجت التكنولوجيا وأصبحت سريعة ورخيصة وسهلة الاستخدام، ما يفتح الباب لاعتماد حقيقي من قبل الشركات والمستهلكين”.
في السياق ذاته، صرّح الرئيس التنفيذي لـ«Visa» بأن الشركة تعمل على تحديث بنيتها التحتية بالاعتماد على تقنيات العملات المستقرة، لتواكب المتغيرات السريعة في عالم المدفوعات الرقمية.
وقال «نك كارتر»، الشريك المؤسس في «Castle Island Ventures»: “شركات مثل Visa وMastercard تدرك التهديد القادم من العملات المستقرة، وتحاول أن تسبق هذا التحول عبر تبني التكنولوجيا ذاتها”.
أما «JPMorgan» فاتخذ مسارًا مختلفًا، إذ أطلق رمزًا رقميًا مدعومًا بودائع مصرفية تجارية، وليس بالدولار الأميركي مباشرة. وصرح «نافين مالالا»، الشريك العالمي المشارك في وحدة «Kinexys» التابعة للبنك، بأن الرمز الرقمي «JPMD» سيتيح تسويات فورية للمؤسسات، مع الحفاظ على ارتباطها بالبنية المصرفية التقليدية.
يحظى صعود العملات المستقرة بدعم تشريعي متزايد في واشنطن، حيث أقر مجلس الشيوخ الأميركي مؤخرًا مشروع قانون «GENIUS Act» الذي ينظم هذا النوع من الأصول الرقمية، متضمنًا قواعد لحماية المستهلك، ومتطلبات الاحتياطي، وإرشادات مكافحة غسل الأموال.
ورغم الدعم، إلا أن بعض الديمقراطيين أعربوا عن قلقهم من استخدام العملات الرقمية في الأنشطة غير المشروعة، وانتقدوا عدم معالجة تعارض المصالح، في إشارة إلى إطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالرئيس الأميركي «دونالد ترامب» من خلال شركة «World Liberty Financial».
وفي هذا السياق، نفى البيت الأبيض وجود تضارب مصالح، مؤكدا أن أصول الرئيس تُدار من خلال صندوق استئماني يسيطر عليه أبناؤه.
مع تبني كبرى المؤسسات المالية والعمل على تشريعات منظمة، يبدو أن العملات الرقمية المستقرة تتجه لتكون العمود الفقري الجديد لعالم المدفوعات الرقمية، مما يهدد النماذج التقليدية ويعزز من كفاءة البنية التحتية المالية عالميًا.
اقرأ ايضا:
«بلومبرج» : مصر تكثف جهودها لإعادة إدراجها في مؤشر السندات الرئيسي لـ «JPMorgan»
«ماستركارد» تنضم إلى تحالف الدولار الرقمي وتدعم عملات مستقرة جديدة من «PayPal» و«Fiserv»
«ماستركارد» تعزز منظومة الحماية من الاحتيال بإطلاق خدمة جديدة مخصصة للبنوك في «أوروبا الشرقية» و«الشرق الأوسط» و«أفريقيا»